فصل: الصوائف وفتوحاتها.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الصوائف وفتوحاتها.

كان الرشيد على ما نقله الطبري وغيره يغزو عاما ويحج عاما ويصلي كل يوم مائة ركعة ويتصدق بألف درهم وإذا حج حمل معه مائة من الفقهاء ينفق عليهم وإذا لم يحج أنفق على ثلثمائة حاج نفقة شائعة وكان يتحذى بآثار المنصور إلا في بذل المال فلم ير خليفة قبله أبذل منه للمال وكان إذا لم يغزو غزا بالصائفة كبار أهل بيته وقواده فغزا بالصائفة سنة سبعين سليمان بن عبد الله البكائي وقيل غزا بنفسه وغزا بالصائفة سنة اثنتين وسبعين إسحق بن سليمان بن علي فأثخن في بلاد الروم وغنم وسبى وغزا في سنة أربع وسبعين بالصائفة عبد الملك بن صالح وقيل أبوه عبد الملك فبلغ في نكاية الروم ما شاء وأصحابهم برد سديد سقطت منه أيدي الجند ثم غزا بالصائفة سنة سبع وسبعين عبد الرزاق بن عبد الحميد الثعلبي وفي سنة ثمان وسبعين زفر بن عاصم وغزا سنة إحدى وثمانين بنفسه فافتتح حصن الصفصاف وأغزى عبد الملك بن صالح فبلغ أنقرة وافتتح مطمورة وكان الفداء بين المسلمين والروم وهو أول فداء في دولة بني العباس وتولاه القاسم بن الرشيد وأخرج له من طرسوس الخادم الوالي عليها وهو أبو سليمان فرج المدامس على اثني عشر فرسخا وحضر العلماء والأعيان وخلق من أهل الثغور وثلاثون ألفا من الجند المرتزقة فحضروا هناك وجاء الروم بالأسرى ففودي بهم من كان لهم من الأسرى وكان أسرى المسلمين ثلاثة آلاف وسبعمائة وغزا بالصائفة سنة اثنتين وثمانين عبد الرحمن ابن عبد الملك بن صالح دقشوسوس مدينة أصحاب الكهف وبلغهم أن الروم سلوا ملكهم قسطنطين بن أليون وملكوا أمه ربى وتلقب عطشة فأثخنوا في البلاد ورجعوا وفي سنة ثلاث وثمانين حملت ابنة خاقان ملك الخزر إلى الفضل ابن يحيى فماتت ببردعة ورجع من كان معه فأخبروا أباها أنها قتلت غيلة وفتجهز إلى بلاد الإسلام وخرج من باب الأبواب وسبى أكثر من مائة ألف فارس وفعلوا ما لم يسمع بمثله فولى الرشيد يزيد بن مزيد أمر أرمينية مضافة إلى أذربيجان وأمره بالنهوض إليهم وأنزل خزيمة بن خازم بنصيبين ردءا لهم وقيل إن سبب خروجهم أن سعيد بن مسلم قتل الهجيم السلمى فدخل ابنه إلى الخزر مستجيشا بهم على سعيد ودخلوا أرمينية وهرب سعيد والخزر ورجعوا وفي سنة سبع وثمانين غزا بالصائفة القاسم بن الرشيد وجعله قربانا لله وولاه العواصم فأناخ على قرة وضيق عليها وبعث عليها ابن جعفر بن الأشعث فحاصر حصن سنان حتى جهد أهله وفادى الروم بثلثمائة وعشرين أسيرا من المسلمين على أن يرحل عنهم فأجابهم وتم بينهم الصلح ورحل عنهم وكان ملك الروم يومئذ ابن زيني وقد تقدم ذكره فخلعه الروم وملكوا يقفور وكان على ديوان خراجهم ومات زيني بعد خمسة أشهر ولما ملك يقفور كتب الرشيد بما استفزه فسار إلى بلاد الروم غازيا ونزل هرقل وأثخن في بلادهم حتى سأل يقفور الصلح ثم نقض العهد وكان البرد شديد الكلب وظن يقفور أن ذلك يمنعه من الرجوع فلم يمنعه ورجع حتى أثخن في بلاده ثم خرج من أرضهم وغزا بالصائفة سنة ثمان وثمانين إبراهيم بن جبريل ودخل من درب الصفصاف فخرج إليه يقفور ملك الروم وانهزم وقتل من عسكره نحوا أربعين ألفا وفي هذه السنة رابط القاسم بن الرشيد أبق وفي سنة تسع وثمانين كتب الرشيد وهو بالري كتب الأمان لشروين أبي قارن ونداهرمز جدمازيار مرزبان خستان صاحب الديلم وبعث بالكتب مع حسين الخادم إلى طبرستان فقدم خستان وونداهرمز فأكرمهما الرشيد وأحسن إليهما وضمن ونداهرمز وشروين صاحبي طبرستان وذكرا كيف توجه الهادي لهما وحاصرهما وفي سنة ست ثمانين كان فداء بين المسلمين حتى لم يبق بأرض الروم مسلم إلا فودي وفي سنة تسعين سار الرشيد إلى بلاد الروم بسبب ما قدمناه من غدر يقفور في مائة وخمسة وثلاثين ألفا من المرتزقة سوى الأتباع والمتطوعة ومن ليس له ذكر في الديوان واستخلف المأمون بالرقة وفوض إليه الأمور وكتب إلى الآفاق بذلك فنزل على هرقل فحاصرها ثلاثين يوما وافتتحها وسبى أهلها وغنم ما فيها وبعث داود بن عيسى بن موسى في سبعين ألفا غازيا في أرضهم ففتح الله عليه وخرب ونهب ما شاء وفتح شراحيل بن معن بن زائدة حصن الصقالبة وديسة وافتتح يزيد بن مخلد حصن الصفصاف وقونية وأناخ عبد الله بن مالك على حصن ذي الكلاع واستعمل الرشيد حميد بن معيوب على الأساطيل ممن بسواحل الشام ومصر إلى قبرس فهزم وحرق وسبى من أهلها نحوا من سبعة ألفا وجاء بهم إلى الواقعة فبايعوا بها وبلغ فداء أسقف قبرس ألفي دينار ثم سار الرشيد إلى حلوانة فنزل بها وحاصرها ثم رحل عنها وخلف عليها عقبة بن جعفر وبعث يقفور بالخراج والجزية عن رأسه أربعة دنانير وعن ابنه دينارين وعن بطارقته كذلك وبعث يقفور في جارية من بني هرقلة وكان خطبها ابنه فبعث بها إليه ونقض في هذه السنة قبرس فغزاهم معيوب بن يحيى فأثخن فيهم وسباهم ولما رجع الرشيد من غزاتة خرجت الروم إلى عين زربة والكنيسة السوداء وأغاروا ورجعوا فاستنفد أهل المصيصة ما حملوه من الغنائم وفيها غزا يزيد بن مخلد الهبيري أرض الروم في عشرة آلاف فأخذت الروم عليه المضايق فانهزم وقتل في خمسين من أصحابه على مرحلتين من طرسوس واستعمل الرشيد على الصائفة هرثمة بن أعين قبل أن يوليه خراسان وضم إليه ثلاثين ألفا من أهل خراسان وأخرجه إلى الصائفة وسار بالعساكر الإسلامية في أثره ورتب بدرب الحرث عبد الله بن مالك وبمرعش سعيد بن مسلم بن قتيبة وأغارت الروم عليه فأصابوا من المسلمين وانصرفوا ولم يتحرك من مكانه وبعث الرشيد محمد بن زيد بن مزيد إلى طرسوس وأقام هو بدرب الحرث وأمر قواده بهدم الكنائس في جميع الثغور وأخذ أهل الذمة بمخالفة زي المسلمين في ملبوسهم وأمر هرثمة ببناء هرطوس وتولى ذلك فخرج الخادم بأمر الرشيد وبعث إليها جندا من خراسان ثلاثة أيام وأشخص ألفا من أهل المصيصة وألفا من أنطاكية فتم بناؤها سنة اثنتين وتسعين وفي هذه السنة تحركت الخرمية بناحية أذربيجان فبعث إليهم عبد الله بن مالك في عشرة آلاف فقتل وسبى وأسر ووافاه بقرملين فأمره بقتل الأسرى وبيع السبي وفيها استعمل الرشيد على الثغور ثابت بن مالك الخزاعي فافتتح مطمورة وكان الفداء على يدية بالبرذون ثم كان الفداء الثاني وكان عدة أسرى المسلمين فيه ألفين وخمسمائة.